فروقات قرءانية

فروقاتٌ لسانيَّۃٌ قرءَانيَّۃ :

ما الفرقُ بينَ رسمِ (قُرَّةَ) أعيُنٍ , ورسمِ (قُرَّتَ) عَيۡنٍ في القرءَانِ الكريمِ ..؟

(القَرُّ) : في لسانِ العربِ بضَمِّ القافِ وتَشديدِ الرَّاءِ , هو البَردُ , ويُنسَبُ إلىٰ العينِ كتَعبيرٍ عنِ الرِّضیٰ والسَّعادةِ بشيءٍ مُعيَّنٍ .
يُقالُ : هو قَريرُ العينِ , أيۡ راضٍ وسَعيدٍ , ويُقالُ : قرَّتۡ عينُه قرَّةً وقَرورَةً , أيۡ برَدَتۡ سُرورًا وجَفَّ دَمعُها - حيثُ الدَّمعُ ساخِنٌ - أو رأتۡ ما كانتۡ مُتَشوِّقۃً إليه .
ورَدتۡ لفظۃُ (قُرَّةُ , قُرَّتُ) ثلاثَ مراتٍ في القرءَان الكريم ، اثنتانِ منها مَرسومۃٌ بالتاءِ المَربوطۃِ (قُرَّةَ) في قولِه تعالىٰ : (وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبۡ لَنَا مِنۡ أزۡوَٰجِنَا وَذُرِّيَٰتِنَا قُرَّةَ أعۡيُنٍ وَاجۡعَلۡنَا لِلۡمُتَّقِينَ إمَامًا (٧٤)) . الفرقان .
وقولِه تعالىٰ : (فَلَا تَعۡلَمُ نَفۡسٌ مَّا أخۡفِیَ لَهُم مِّنۡ قَرَّةِ أعۡيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعۡمَلُونَ (١٧)) . السَّجدَة .
وواحدةٌ مَرسومۃٌ بالتاءِ المَفتوحۃِ (قُرَّتُ) في قولِه تعالىٰ : (وَقَالَتِ امۡرَأتُ فِرۡعَوۡنَ قُرَّتُ عَيۡنٍ لِی وَلَكَ لَا تَقۡتُلُوهُ عَسَىٰ أن يَنفَعَنَا أوۡ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَهُمۡ لَا يَشۡعُرُونَ (٩)) . القصص .
والفرقُ بينَ الجَمعِ في لفظۃِ (أعۡيُنٍ) والإفرادُ في لفظۃِ (عَيۡنٍ) هو أنَّ قرةَ الأعينِ كانتۡ لجَمعٍ مِنَ الناسِ كثيرٍ , وأنَّ قرتَ العينِ كانتۡ لمفردٍ هو امرأتُ فرعونَ .
أمَّا الفرقُ بينَ الرَّسمينِ في (قُرَّةُ , قُرَّتُ) , فقدۡ قُلنا مِنۡ قبلُ في قاعدَةِ التاءِ المَربوطۃِ والتاءِ المَفتوحۃِ , إنَّ الأولىٰ بالتاءِ المربوطۃِ تعنىٰ باللفظۃِ نفسِها أكثرَ مِنۡ عنايتِها بالمُضافِ إليها , في حينِ أنَّ الثانيۃِ بالتاءِ المَفتوحۃِ تُعنىٰ بالمُضافِ إليه أكثرَ مِنۡ عنايتِها باللَّفظۃِ , وكنَّا قدۡ ضرَبنا مَثلًا مِنۡ رسمَي (شَجَرَةَ الزَّقُّومِ , شَجَرَتَ الزَّقُّومِ) , حَيثُ الأولىٰ تتحدَثُ عنِ الشَّجرةِ نفسِها , بينَما الأخرىٰ تتَحدثُ عنِ الزَّقُّومِ .
وقلنا كذَٰلكَ إنَّ اللفظۃَ بالتاءِ المَربوطۃِ تأتي عادَةً في أمرٍ عامٍّ وشاملٍ , في حينِ أنَّ اللفظۃَ بالتاءِ المفتوحۃِ تأتي لأمرٍ خاصٍّ , وضرَبنا مثلًا مِنۡ رسمَي (نِعۡمَۃِ رَبِّكَ , نِعۡمَتِ رَبِّكَ) . ورَسمَي (رَحۡمَۃِ , رَحۡمَتِ) .
أمَّا لفظۃُ (قُرَّةَ , قُرَّتَ) الَّتي نَحنُ بصَدَدِها , فقدۡ جاءَتۡ بالتاءِ المربوطۃِ لأنَّها جاءَتۡ في سِياقِ عدَمِ اتِّصالِها بالمضافِ إليه بَعدُ , ففي ءَايۃِ الفرقانِ جاءَتۡ في سياقِ دُعاءٍ يتَكرَّرُ معَ الأجيالِ ولا نعلمُ عنۡ إجابتِه , وفي ءَايۃِ السَّجدةِ جاءَتۡ في سياقٍ يُبهِمُ علينا العلمُ بما أخفِيَ للمُؤمنينَ في الجنۃِ مِنۡ نَعيمٍ , فكأنَّ التاءَ المربوطۃَ المُغلقۃَ تعبِّرُ عنِ الإخفاءِ , وأمَّا حينَ فتِحتۡ في ءَايۃِ القصَصِ فلأنَّها أظهرَتۡ لنا الشَّخصَ المُحَدَّدَ صاحِبَ العينِ الَّتي تَقِرُّ , حَيثُ هي امرأتُ فرعونَ وهي تُعلِمُنا أنَّ موسىٰ الطفلَ عليهِ السلامُ هو قُرَّتُ العَينِ لها .
وعليه فإنَّ :
قُرَّةُ العَينِ : عامَّۃٌ غيرُ مُخصَّصَۃٍ ولمۡ تتَحقَّقۡ بَعدُ .
قُرَّتُ عَيۡنٍ : مُخَصَّصَۃٌ وتَمَّ تَحقيقُها .

والله تعالىٰ أعلىٰ وأعلَم .

تنبية الادارة (0)

بواسطة / عيوني طلبك
مشاهدات	7
في	2023-05-23 22:07:45