فلسطين في قلوبنا
فلسطين في قلوبنا لا تنسوها من دعائكم

يامن / ياااااااا رب ياااااا رب لقد مسنا الضرر وأنت ارحم الراحمين يا الله نصرا من عندك ياااا الله

رمـضـان فرصة للتغيير (2)
المنتديات/رمـضـان فرصة للتغيير (2)

رمـضـان فرصة للتغيير (2)

التغيير .. ووضع متعاطي المحرمات


ثمة أناس ابتلاهم الله تعالى بتعاطي الحرام ، من خـمر ومخدرات ، أو دخان و مسكرات ، نشد على عزيمته في هذا الشهر العظيم وبعد إمساكه والابتعاد عنها طوال النهار أن يجعلوها هذا الشهر شهر للتغير والاقلاع عن تعاطي هذه المحرمات وان لا يفعلوا بعد إفطاره ما يخل بهذه العزيمة القوية ، أو يوهنها ، أو يقلل من شأنها ،تلك العزيمة التي جعلته يمسك طوال ساعات النهار ، فيهدم في ليله ما بناه في نهاره من قوة الإرادة التي صبر بسببها عن محبوباته ومألوفاته . فما أحزمه لو استغل شهر الصيام كمدرسة يتدرب بها على هجر ما يكرهه هو ، أو يكرهه الشارع ، من مألوفاته التي اعتاد أكلها ، أو شربها ، أو مقاربتها . تالله ما أحزمه لو واصل هذه الحمية عن ذلك بالليل ، كما عملها في النهار ..

عوامل الإدمان:
المخدرات:
إن تعاطي المواد المخدرة أياً كان نوعها أو وضعها الاجتماعي أو القانوني هي مواد ذات خطورة كبيرة وأضرارها المباشرة وغير المباشرة تشل المجتمع الانساني وتضر بأخلاقه واستقراره وأمنه ومصادر عيشه .. إن المخدرات ذات الخطورة المباشرة لها أضرار كثيرة واضحة لكن المخدرات ذات الخطورة الكامنة مثل التدخين والخمر قد لا تبدو بمثل خطورة المخدرات لكنها في الواقع أشد فتكا وأوسع تأثيرا وانتشاراً .

إضافة إلى وجود عوامل اجتماعية وشخصية وبيئية تهيئ ظروف الانحراف للشباب وغيرهم، كذلك توجد ترابطات بين الأنواع المختلفة من المخدرات وغيرها من المواد التي تؤدي إلى الإدمان .. عادة ما يبدأ المتعاطي باستخدام مواد خفيفة ثم ينتهي به الأمر إلى الإيغال في الإدمان وتعاطي المواد الخطرة .. وقد بينت الدراسات العلمية المختبرية أن تعاطي بعض المواد المخدرة يدفع الفرد إلى تعاطي مواد أخرى أكثر خطورة كالتدخين

التدخين
يمثل التدخين الخطوة الكبيرة الأولى أو النافدة التي يطل منها الشباب إلى عالم المخدرات .. فقد يكون اندفاع المراهقين نحو التدخين بهدف إبراز الذات، والتحدي والحصول على صورة لذواتهم تعطيهم شيئاً من النشوة التي يبحثون عنها .. لكن ظروف التدخين والرفقه السيئة ومحدودية اللذة التي يجلبها التدخين تدفع بعض المدخنين الصغار إلى البحث عن درجات أعلى من النشوة واللذة .. فعندها يتولد لديهم الاستعداد لتعاطي مواد مخدره أخرى وتزول من أمامهم حواجز الحرمة أو الخشية من التعاطي .. وبزوال هذه الحواجز الأخلاقية والقانونية يصبح الطفل/ الشاب قابلاً لأي عرض يقدم له .

الكحول :
كما تدل الدراسات والأبحاث العلمية يبدأ معظم متعاطي الحشيش أو الماريوانا أولا بشرب الكحول .. وبينت كثير من الدراسات العلمية (مثلا أن استخدام المخدرات يبدأ بتعاطي البيرة والخمرة .. فإذا كان هناك مادة تعتبر بوابة رئيسية في مسلسل تعاطي المخدرات فإنها تحديدا هي الكحول (أم الخبائث) وتشير الدراسات تلك إلى أنه في مجتمعات الغرب يبدأ الشباب بتناول مواد تعتبر مقبولة اجتماعياً عندهم مثل البيرة والخمر، ثم إن عدداً منهم سوف يبدؤون بعدها بتعاطي المخدرات .

وهناك نتيجة بحثية مدهشة حول العلاقة بين التدخين/ والكحول تشير إلى أن الذين يبدؤون بالتدخين فمن المحتمل أن يستخدموا خموراً قوية، لكن الذي يبدأ بشرب خمور فمن غير المحتمل أن يبدأو تدخين السجائر .

"وهكذا في حين أن الشرب يمكن أن يستمر دون التدخين، لكن التدخين إلى حد ما دائماً متبوع بشرب الخمر القوي .. والاستخدام المزدوج للسجائر والخمر القوي مرتبط بالدخول إلى عالم المخدرات الممنوعة .. وقال احد الباحثين الذي أجرى دراسة تتبعية حول تعاطي المراهقين للمخدرات "إن تعلم تدخين السجائر هو تدريب ممتاز لتعلم تدخين الماريونا (الحشيش) حيث إن تدخين الماريونا إلى حد ما دائما يبدأ بتدخين السجائر.

لكن هذا لا يعني فقدان الأمل لكسر دائر التعاطي هذه .. فبالإمكان التدخل والتوعية وكسر هذه الحلقات المتتابعة وحماية الشباب من السقوط في مستنقع المخدرات السحيق . * لكن الأمر الهام هنا، يكمن في الوعي بالسلوكيات التي تعتبر فاتحة ومقدمة لسلوكيات أسوأ .. فالتدخين بين الشباب ينتشر دون اتخاذ خطوات جادة لمنعه أو مقاومته، فإن التساهل مع التدخين سوف يستمر إلى ما هو أصعب وأكثر كلفة .

رفاق السوء :
هم باب آخر للإدمان وللولوج في عالم المخدرات البغيض .. ويأتي خطر رفاق السوء من أن تأثيرهم يتزايد في مرحلة يكون الشاب فيها قابلاً للتأثر خاصة في مرحلة النماء / المراهقه وفي حالات ضعف الترابط الأسري .

كذلك يزداد تأثير رفقاء السوء عندما تكون شخصية الشاب / المراهق، هشه وعناصر المقاومة لديه ضعيفة، ولا يستطيع أن يقول لا، أو أن يجاهر برأيه، ويمتنع عن الانزلاق وراء محاولات الإغراء والإفساد .

لهذا وجب الاعتناء بتحسين العلاقة بين الوالدين وأبنائهم، وتوفير احتياجاتهم النفسية والعاطفية وكذلك المادية وعدم فتح المجال أمامهم للبحث عن التعويض خارج الأسرة.

ينبغي كذلك التعرف إلى أصدقاء الأبناء ورفاقهم، وتعرف كيفية قضاء أوقاتهم .. أي: يلزم إشراف واع من الأهل وعدم إهمال الأبناء، وجعلهم يدخلون في عالم الانحراف، ثم يأتي الوعي متأخرا، ويكون الخطر قد حصل .

الأضرار المترتب على هذا المحرمات
الأضرار الجسمية :
فقدان الشهية للطعام مما يؤدي إلى النحافة والهزال والضعف العام المصحوب باصفرار الوجه أو اسوداده لدى المتعاطي كما تتسبب في قلة النشاط والحيوية وضعف المقاومة للمرض الذي يؤدي إلى دوار وصداع مزمن مصحوباً باحمرار في العينين ، ويحدث اختلال في التوازن والتأزر العصبي في الأذنين .

يحدث تعاطي المخدرات تهيج موضعي للأغشية المخاطية والشعب الهوائية وذلك نتيجة تكوّن مواد كربونية وترسبها بالشعب الهوائية حيث ينتج عنها التهابات رئوية مزمنة قد تصل إلى الإصابة بالتدرن الرئوي .

يحدث تعاطي المخدرات اضطراب في الجهاز الهضمي والذي ينتج عنه سوء الهضم وكثرة الغازات والشعور بالانتفاخ والامتلاء والتخمة والتي عادة تنتهي إلى حالات الإسهال الخاصة عند تناول مخدر الأفيون ، والإمساك .

كذلك تسبب التهاب المعدة المزمن وتعجز المعدة عن القيام بوظيفتها وهضم الطعام كما يسبب التهاب في غدة البنكرياس وتوقفها عن عملها في هضم الطعام وتزويد الجسم بهرمون الأنسولين والذي يقوم بتنظيم مستوى السكر في الدم .

أتلاف الكبد وتليفه حيث يحلل المخدر (الأفيون مثلاً) خلايا الكبد ويحدث بها تليفاً وزيادة في نسبة السكر ، مما يسبب التهاب وتضخم في الكبد وتوقف عمله بسبب السموم التي تعجز الكبد عن تخليص الجسم منها :

التهاب في المخ وتحطيم وتآكل ملايين الخلايا العصبية التي تكوّن المخ مما يؤدي إلى فقدان الذاكرة والهلاوس السمعية والبصرية والفكرية .

اضطرابات في القلب ، ومرض القلب الحولي والذبحة الصدرية ، وارتفاع في ضغط الدم ، وانفجار الشرايين ، ويسبب فقر الدم الشديد تكسر كرات الدم الحمراء ، وقلة التغذية ، وتسمم نخاع العظام الذي يضع كرات الدم الحمراء .

التأثير على النشاط الجنسي ، حيث تقلل من القدرة الجنسية وتنقص من إفرازات الغدد الجنسية .

التورم المنتشر ، واليرقات وسيلان الدم وارتفاع الضغط الدموي في الشريان الكبدي.

الإصابة بنوبات صرعية بسبب الاستبعاد للعقار ؛ وذلك بعد ثمانية أيام من الاستبعاد.

إحداث عيوباً خلقية في الأطفال حديثي الولادة .
مشاكل صحية لدى المدمنان الحوامل مثل فقر الدم ومرض القلب ، والسكري والتهاب الرئتين والكبد والإجهاض العفوي ، ووضع مقلوب للجنين الذي يولد ناقص النمو ، هذا إذا لم يمت في رحم الأم .

كما أن المخدرات هي السبب الرئيسي في الإصابة بأشد الأمراض خطورة مثل السرطان .

تعاطي جرعة زائدة ومفرطة من المخدرات قد يكون في حد ذاته (انتحاراً) .

الأضرار النفسية :
يحدث تعاطي المخدرات اضطراباً في الإدراك الحسي العام وخاصة إذا ما تعلق الأمر بحواس السمع والبصر حيث تخريف عام في المدركات ، هذا بالإضافة إلى الخلل في إدراك الزمن بالاتجاه نحون البطء واختلال إدراك المسافات بالاتجاه نحو الطول واختلال أو إدراك الحجم نحو التضخم .

يؤدي تعاطي المخدرات إلى اختلال في التفكير العام وصعوبة وبطء به ، وبالتالي يؤدي إلى فساد الحكم على الأمور والأشياء الذي يحدث معها بعض أو حتى كثير من التصرفات الغريبة إضافة إلى الهذيان والهلوسة .

تؤدي المخدرات أثر تعاطيها إلى آثار نفسية مثل القلق والتوتر المستمر والشعور بعدم الاستقرار والشعور بالانقباض والهبوط مع عصبية وحِدّة في المزاج وإهمال النفس والمظهر وعدم القدرة على العمل أو الاستمرار فيه .

تحدث المخدرات اختلالاً في الاتزان والذي يحدث بدوره بعض التشنجات والصعوبات في النطق والتعبير عما يدور بذهن المتعاطي بالإضافة إلى صعوبة المشي .

يحدث تعاطي المخدرات اضطراب في الوجدان ، حيث ينقلب المتعاطي عن حالة المرح والنشوة والشعور بالرضى والراحة (بعد تعاطي المخدر) ويتبع هذا ضعف في المستوى الذهني وذلك لتضارب الأفكار لديه فهو بعد التعاطي يشعر بالسعادة والنشوة والعيش في جو خيالي وغياب عن الوجود وزيادة النشاط والحيوية ولكن سرعان ما يتغير الشعور بالسعادة والنشوة إلى ندم وواقع مؤلم وفتور وإرهاق مصحوب بخمول واكتئاب .

تتسبب المخدرات في حدوث العصبية الزائدة الحساسية الشديدة والتوتر الانفعالي الدائم والذي ينتج عنه بالضرورة ضعف القدرة على التواؤم والتكيف الاجتماعي .

الاضطرابات الوهمية :
وتشمل الأنواع التي تعطي المتعاطي صفة إيجابية حيث يحس بحسن الحال والطرب أو التيه أو التفخيم أو النشوة ممثلاً حسن الحال : حيث يحس المتعاطي في هذه الحالة حالة بالثقة التامة ويشعر بأن كل شيء على ما يرام ، والطرب والتيه : حيث يحس بأنه أعظم الناس وأقوى وأذكى ويظهر من الحالات السابقة الذكر (الطرب والتيه ، وحسن الحال ، والتفخيم)، الهوس العقلي والفصام العقلي ، وأخيراً النشوة ويحس المتعاطي في هذه الحالة بجو من السكينة والهدوء والسلام .

الاكتئاب : ويشعر الفرد فيه بأفكار (سوداوية) حيث يتردد في اتخاذ القرارات وذلك للشعور بالألم .. ويقلل الشخص المصاب بهذا النوع من الاضطرابات من قيمة ذاته ويبالغ في الأمور التافهة ويجعلها ضخمة ومهمة .

القلق : ويشعر الشخص في هذه الحالة بالخوف والتوتر .
جمود أو تبلد الانفعال : وهو تبلد العاطفة – حيث إن الشخص في هذه الحالة لا يستجيب ولا يستشار بأي حدث يمر عليه مهما كان ساراً وغير سار .

عدم التناسب الانفعالي : وهذا اضطراب يحدث فيه عدم توازن في العاطفة فيرى الشخص المصاب هذا الاضطراب يضحك ويبكي من دون سبب مثير لهذا البكاء أو الضحك ، اختلال الآنية : حيث يشعر الشخص المصاب بهذا الاضطراب بأن ذاته متغيرة فيحس بأنه شخص متغير تماماً ، وأنه ليس هو ، وذلك بالرغم من أنه يعرف هو ذاته .

ويحدث هذا الإحساس أحياناً بعد تناول بعض العقاقير ، كعقاقير الهلوسة مثل (أل . أس . دي) والحشيش .. وأحب أن أضيف هنا عن المذيبات الطيارة (تشفيط الغراء أوالبنزين ... إلخ) .

يعاني متعاطي المذيبات الطيارة بشعور بالدوار والاسترخاء والهلوسات البصرية والدوران والغثيان والقيء وأحياناً يشعر بالنعاس .. وقد يحدث مضاعفات للتعاطي كالوفاة الفجائية نتيجة لتقلص الأذين بالقلب وتوقف نبض القلب أو هبوط التنفس كما يأتي الانتحار كأحد المضاعفات وحوادث السيارات وتلف المخ أو الكبد أو الكليتين نتيجة للاستنشاق المتواصل ويعطب المخ مما قد يؤدي إلى التخريف هذا وقد يؤدي تعاطي المذيبات الطيارة إلى وفاة بعض الأطفال الصغار الذي لا تتحمل أجسامهم المواد الطيارة .

وتأثير هذه المواد يبدأ عندما تصل إلى المخ وتذوب في الألياف العصبية للمخ .. مما يؤدي إلى خللاً في مسار التيارات العصبية الكهربائية التي تسري بداخلها ويترتب على ذلك نشوة مميزة للمتعاطي كالشعور بالدوار والاسترخاء .

الاضرار المادية:
هل يمكن تقدير ثمن الأرواح الإنسانية التي تزهق بسبب المخدرات ؟ أو هل يمكن تقدير قيمة دمار الأسر والمجتمعات وفقدان الأمن والاستقرار من هذه الجريمة ؟ إن المخاسر الاجتماعية والأخلاقية لتعاطي المخدرات لا يمكن تقديرها بالأموال لأنها أكبر من ذلك بكثير "مثلا في الأردن وبشكل رسمي كما ذكر مدير دائرة مكافحة المخدرات في مديرية الأمن العام في لقاء تلفزيوني أنه في العامين المنصرمين توفي ثلاثون شاباً بسبب تعاطي المخدرات .. ثلاثون شاباً عرفنا عنهم، وماذا عن الذين لم نعرف عنهم ؟ الذين توفوا نتيجة حوادث السيارات بسبب المخدرات .. وإضافة إلى هذه الخسائرفإن المخدرات تضطر المجتمع إلى أن يعمل ضدها ويقاومها ويخفف من تأثيرها .. مثل برامج العلاج والوقاية من المخدرات وكذلك الأعداد المتزايدة من رجال الأمن الذين يتم تجنيدهم وإعدادهم لمواجهة جريمة المخدرات تشكل كلفة هائلة .. أضف إلى ذلك ما تسببه المخدرات من أمراض، وما تقتضيه من معالجة ومن استنزاف للموارد وما تستلزمه من خدمات وما تسببه من أضرار .. وقد قدرت كلفة المخدرات في أميركا بثلاثة بلايين دولار .. وينفق الأميركيون 40 بليون دولار سنوياً لشراء المخدرات الممنوعة، وهذا المبلغ أقل بستة بلايين عن المبلغ الذي ينفق على نظام العدالة الجنائية.

أضرار المخدرات على الفرد نفسه :
إن تعاطي المخدرات يحطم إرادة الفرد المتعاطي وذلك لأن تعاطي المخدرات (يجعل الفرد يفقد كل القيم الدينية والأخلاقية ويتعطل عن عمله الوظيفي والتعليم مما يقلل إنتاجيته ونشاطه اجتماعياً وثقافياً وبالتالي يحجب عنه ثقة الناس به ويتحول بالتالي بفعل المخدرات إلى شخص كسلان سطحي ، غير موثوق فيه ومهمل ومنحرف في المزاج والتعامل مع الآخرين) .

وتشكل المخدرات أضراراً على الفرد منها :
المخدرات تؤدي إلى نتائج سيئة للفرد سواء بالنسبة لعمله أو إرادته أو وضعه الاجتماعي وثقة الناس به .

كما أن تعاطيها يجعل من الشخص المتعاطي إنساناً كسول ذو تفكير سطحي يهمل أداء واجباته ومسؤولياته وينفعل بسرعة ولأسباب تافهة .. وذو أمزجة منحرفة في تعامله مع الناس ، كما أن المخدرات تدفع الفرد المتعاطي إلى عدم القيام بمهنته ويفتقر إلى الكفاية والحماس والإرادة لتحقيق واجباته مما يدفع المسؤلين عنه بالعمل أو غيرهم إلى رفده من عمله أو تغريمه غرامات مادية تتسبب في اختلال دخله .

عندما يلح متعاطي المخدرات على تعاطي مخدر ما، ويسمى بـ((داء التعاطي)) أو بالنسبة للمدمن يسمى بـ((داء الإدمان)) ولا يتوفر للمتعاطي دخل ليحصل به على الجرعة الاعتيادية (وذلك أثر إلحاح المخدرات) فإنه يلجأ إلى الاستدانة وربما إلى أعمال منحرفة وغير مشروعة مثل قبول الرشوة والاختلاس والسرقة والبغاء وغيرها .. وهو بهذه الحالة قد يبيع نفسه وأسرته ومجتمعه وطناً وشعباً .

يحدث تعاطي المخدرات للمتعاطي أو المدمن مؤثرات شديدة وحساسيات زائدة ، مما يؤدي إلى إساءة علاقاته بكل من يعرفهم ..فهي تؤدي إلى سوء العلاقة الزوجية والأسرية ، مما يدفع إلى تزايد احتمالات وقوع الطلاق وانحراف الأطفال وتزيد أعداد الأحداث المشردين وتسوء العلاقة بين المدمن وبين جيرانه ، فيحدث الخلافات والمناشبات والمشاجرات التي قد تدفع به أو بجاره إلى دفع الثمن باهظاً .. كذلك تسوء علاقة المتعاطي والمدمن بزملائه ورؤسائه في العمل مما يؤدي إلى احتمال طرده من عمله أو تغريمه غرامة مادية تخفض مستوى دخله .

الفرد المتعاطي بدون توازنه واختلال تفكيره لا يمكن من إقامة علاقات طيبة مع الآخرين ولا حتى مع نفسه مما يتسبب في سيطرة (الأسوأ وعدم التكيف وسوء التوافق والتواؤم الاجتماعي على سلوكيات وكل مجريات صيانة الأمر الذي يؤدي به في النهاية إلى الخلاص من واقعة المؤلم بالانتحار) .

فهناك علاقة وطيدة بين تعادي المخدرات والانتحار حيث إن معظم حالات الوفاة التي سجلت كان السبب فيها هو تعاطي جرعات زائدة من المخدر .

- المخدرات تؤدي إلى نبذ الأخلاق وفعل كل منكر وقبيح وكثير من حوادث الدنى والخيانة الزوجية تقع تحت تأثير هذه المخدرات وبذلك نرى ما للمخدرات من آثار وخيمة على الفرد والمجمتع .

- تأثير المخدرات على الأسرة :

الأسرة هي (الخلية الرئيسية في الأمة إذا صلحت صلح حال المجتمع وإذا فسدت انهار بنيانه فالأسرة أهم عامل يؤثر في التكوين النفساني للفرد لأنه البيئة التي يحل بها وتحضنه فور أن يرى نور الحياة ووجود خلل في نظام الأسرة من شأنه أن يحول دون قيامها بواجبها التعليمي لأبنائها) .

فتعاطي المخدرات يصيب الأسرة والحياة الأسرية بأضرار بالغة من وجوه كثيرة أهمها:

- ولادة الأم المدمنة على تعاطي المخدرات لأطفال مشوهين .
- مع زيادة الإنفاق على تعاطي المخدرات يقل دخل الأسرة الفعلي مما يؤثر على نواحي الإنفاق الأخرى ويتدنى المستوى الصحي والغذائي والاجتماعي والتعليم وبالتالي الأخلاقي لدى أفراد تلك الأسرة التي وجه عائلها دخله إلى الإنفاق عل المخدرات هذه المظاهر تؤدي إلى انحراف الأفراد لسببين :

أولهما : أغراض القدوة الممثلة في الأب والأم أو العائل .
السبب الآخر : هو الحاجة التي تدفع الأطفال إلى أدنى الأعمال لتوفير الاحتياجات المتزايدة في غياب العائل .

- بجانب الآثار الاقتصادية والصحية لتعاطي المخدرات على الأسرة نجد أن جو الأسرة العام يسوده التوتر والشقاق والخلافات بين أفرادها فإلى جانب إنفاق المتعاطي لجزء كبير من الدخل على المخدرات والذي يثير انفعالات وضيق لدى أفراد الأسرة فالمتعاطي يقوم بعادات غير مقبولة لدى الأسرة حيث يتجمع عدد من المتعاطين في بيته ويسهرون إلى آخر الليل مما يولد لدى أفراد الأسرة تشوق لتعاطي المخدرات تقليداً للشخص المتعاطي أو يولد لديهم الخوف والقلق خشية أن يهاجم المنزل بضبط المخدرات والمتعاطين .

ـ أضرار المخدرات على الإنتاج :
ـ يعتبر (الفرد لبنة من لبنات المجتمع وإنتاجية الفرد تؤثر بدورها على إنتاجية المجتمع الذي ينتمي إليه) .

فمتعاطي المخدرات لا يتأثر وحده بانخفاض إنتاجه في العمل ولكن إنتاج المجتمع أيضاً يتأثر في حالة تفشي المخدرات وتعاطيها فالظروف الاجتماعية والاقتصادية التي تؤدي إلى تعاطي المخدرات ((تؤدي إلى انخفاض إنتاجية قطاع من الشعب العام فتؤدي أيضاً إلى ضروب أخرى من السلوك تؤثر أيضاً على إنتاجية المجتمع)) .

ومن الأمثلة على تلك السلوك هي : تشرد الأحداث وإجرامهم والدعارة والرشوة والسرقة والفساد والمرض العقلي والنفسي والإهمال واللامبالاة وأنواع السلوك هذه يأتيها مجموعة من الأشخاص في المجتمع ولكن أضرارها لا تقتصر عليهم فقط بل تمتد وتصيب المجتمع بأسره وجميع أنشطته وهذا يعني أن متعاطي المخدرات لا يتأثر وحده بانخفاض إنتاجه في العمل ولكنه يخفض من إنتاجية المجتمع بصفة عامة وذلك للأسباب التالية :

- انتشار المخدرات والاتّجار بها وتعاطيها يؤدي إلى زيادة الرقابة من الجهات الأمنية حيث تزداد قوات رجال الأمن ورقباء السجون والمحاكم والعاملين في المصحات والمستشفيات ومطاردة المهربين للمخدرات تجارها والمروجين ومحاكمتهم وحراستهم في السجون ورعاية المدمنين في المستشفيات تحتاج إلى قوى بشرية ومادية كثيرة للقيام بها وذلك يعني أنه لو لم يكن هناك ظاهرة لتعاطي وانتشار أو ترويج المخدرات لأمكن هذه القوات إلى الاتجاه نحو إنتاجية أفضل ونواحي ضحية أو ثقافية بدلاً من بذل جهودهم في القيام بمطاردة المهربين ومروجي المخدرات وتعاطيها ومحاكمتهم ورعاية المدمنين وعلاجهم .

- يؤدي كذلك تعاطي وانتشار المخدرات إلى خسائر مادية كبيرة بالمجتمع ككل وتؤثر عليه وعلى إنتاجيته وهذه الخسائر المادية تتمثل في المبالغ التي تنفق وتصرف على المخدرات ذاتها .

فمثلاً : إذا كانت المخدرات (تزرع في أراضي المجتمع) التي تستهلك فيه فإن ذلك يعني إضاعة قوى بشرية عاملة وإضاعة الأراضي التي تستخدم في زراعة هذه المخدرات بدلاً من استغلالها في زراعة محاصيل يحتاجها واستخدام الطاقات البشرية في ما ينفع الوطن ويزيد من إنتاجه .

أما إذا كانت المخدرات تهرب إلى المجتمع المستهلك للمواد المخدرة فإن هذا يعني إضاعة وإنفاق أموالاً كبيرة ينفقها أفراد المجتمع المستهلك عن طريق دفع تكاليف السلع المهربة إليه بدلاً من أن تستخدم هذه الأموال في ما يفيد المجتمع كاستيراد مواد وآليات تفيد المجتمع للإنتاج أو التعليم أو الصحة .

- أن تعاطي المخدرات يساعد على إيجاد نوع من البطالة ؛ وذلك لأن المال إذا استغل في المشاريع العامة النفع تتطلب توفر أيدي عاملة وهذا يسبب للمجتمع تقدماً ملحوظاً في مختلف المجالات ويرفع معدل الإنتاج ، أما إذا استعمل هذا المال في الطرق الغير مشروعة كتجارة المخدرات فإنه حينئذ لا يكون بحاجة إلى أيدي عاملة ؛ لأن ذلك يتم خفية عن أعين الناس بأيدي عاملة قليلة جداً .

- إن الاستسلام للمخدرات والانغماس فيها يجعل شاربها يركن إليها وبالتالي فهو يضعف أمام مواجهة واقع الحياة ... الأمر الذي يؤدي إلى تناقص كفاءته الإنتاجية فما يعوقه عن تنمية مهاراته وقدراته وكذلك فإن الاستسلام للمخدرات يؤدي إلى إعاقة تنمية المهارات العقلية والنتيجة هي انحدار الإنتاج لذلك الشخص وبالتالي للمجتمع الذي يعيش فيه كمّاً وكيفاً .

كل دولة تحاول أن تحافظ على كيانها الاقتصادي وتدعيمه لكي تواصل التقدم ومن أجل أن تحرز دولة ما هذا التقدم فإنه لا بد من وجود قدر كبير من الجهد العقلي والعضلي معاً ((يبذل بواسطة أبناء تلك الدولة سعياً وراء التقدم واللحاق بالركب الحضاري والتقدم والتطور)) ليتحقق لها ولأبنائها الرخاء والرفاهية فيسعد الجميع ، ولما كان تعاطي المخدرات ينقص من القدرة على بذل الجهد ويستنفذ القدر الأكبر من الطاقة ويضعف القدرة على الإبداع والبحث والابتكار فإن ذلك يسبب انتهاك لكيان الدولة الاقتصادي وذلك لعدم وجود الجهود العضلية والفكرية (العقلية) نتيجة لضياعها عن طريق تعاطي المخدرات .

- إضافة إلى ذلك فإن المخدرات تكبد الدول نفقات باهظة ومن أهم هذه النفقات هو ما تنفقه الدول في استهلاك المخدرات فالدول المستهلكة للمخدرات (مثل الدول العربية) تجد نفقات استهلاك المخدرات فيها طريقها إلى الخارج بحيث إنها لا تستثمر نفقات المخدرات في الداخل مما يؤدي (غالباً) إلى انخفاض في قيمة العملة المحلية ، لو كانت العملة المفضلة لدى تجار المخدرات ومهربيها هو الدولار .

- أثر المخدرات على الأمن العام مما لاشك فيه أن الأفراد هم عماد المجتمع فإذا تفشت وظهرت ظاهرة المخدرات بين الأفراد انعكس ذلك على المجتمع فيصبح مجتمعاً مريضاً بأخطر الآفات ، يسوده الكساد والتخلف وتعمّه الفوضى ويصبح فريسة سهلة للأعداء للنيل منه في عقيدته وثرواته فإذا ضعف إنتاج الفرد انعكس ذلك على إنتاج المجتمع وأصبح خطر على الإنتاج والاقتصاد القومي إضافة إلى ذلك هنالك مما هو أخطر وأشد وبالاً على المجتمع نتيجة لانتشار المخدرات التي هي في حد ذاتها جريمة فإن مرتكبها يستمرئ لنفسه مخالفة الأنظمة الأخرى فهي بذلك (المخدرات) الطريق المؤدي إلى السجن .. فمتعاطي المخدرات وهو في غير وعيه يأتي بتصرفات سلوكية ضارّة ويرتكب أفظع الحوادث المؤلمة وقد تفقد أسرته عائلها بسبب تعاطيه المخدرات فيتعرض لعقوبة السلطة وتؤدي به أفعاله إلى السجن تاركاً أسرته بلا عائل .. وكل ذلك سببه الإهمال وعدم وعي الشخص وإدراكه نتيجة تعاطيه المخدرات .





الهدف من التغيير في رمضان


كسر العادة :
أكثر ما اعتاد الإنسان عليه في حياته : الطعام والشراب ، ويتحول الأكل بالنسبة للإنسان من : سد للجوع إلى التلذذ بالأصناف المختلفة ، ثم ينتقل إلى الاعتياد على الطعام واعتباره مداراً للحياة حتى يصح القول المشهور "إنه يعيش ليأكل ولا يأكل ليعيش " . وسد الجوع يكفيه ما يأكله عقب الصوم ، لأن المرء قادر على أن يصبر على الطعام والشراب نصف يومه وليلته . وكأن الإسلام يقول للإنسان من خلال عبادة الصوم : ما دمت قادرا على تغيير أهم عادات يومك ، فأنت قادر على تغيير ما عداها.

أنتوني روبنز أحد المتميزين فيما يسمى " البرمجة اللغوية العصبية " ومن المقدمين المشهورين لدورات تطوير الذات .. يقدم في بعض دوراته تجربة أن يمشي المتدربون على الجمر .. وفلسفته في ذلك : أن من قدر على المشي على الجمر (وهي تجربة شبه مستحيلة بالنسبة له) قادر على مواجهة ما هو أقل من ذلك في حياته . وفلسفة الصيام أكثر عمقاً ، وكأنما تقول : ما دمت قادراً على ضبط ما أنت متعود عليه كل يوم ؛ فأنت قادر على ضبط ما عداه . لأن مشكلة الإنسان ليست مما يندر حدوثه ، وإنما مما يشيع حدوثه لديه.

تهذيب الفردية :
شهر الصوم يواجه الأنانية والفردية ، وتمركز الإنسان حول نفسه ، وانصرافه عن التواصل مع غيره ، وهي أساس في كثير من الاضطرابات النفسية ، فالأفكار اللاعقلانية المسببة للأمراض أفكار متمحورة حول الذات ، وأزمة المريض النفسي أزمة عدم توافق مع الذات ، ثم عدم توافق مع الآخر.

تنمية شعور الرحمة بالآخرين :
الصوم فقر إجباري يفرضه الإسلام على الناس ليتساووا في الشعور به (لتشارك الفقير في : قلة طعامه وشرابه ، وعدم قدرته على النكاح) ، فهو بهذا يفرض المساواة في أعلى معانيها دون لجوء إلى فجاجة مذاهب البشر كالاشتراكية وغيرها. وأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم دالة على رهافة إحساس المسلم بأخيه : " ما آمن بي من بات شبعان، وجاره جائع إلى جنبه، وهو يعلم به " رواه الطبراني والبزار بإسناد صحيح . وقوله صلى الله عليه وسلم : " يا أبا ذر، إذا طبخت مرقًا فأكثر ماءه، ثم انظر أهل بيت من جيرانك فأصبهم منها بمعروف " رواه مسلم.

يجمع الإسلام الأمة على شعور واحدٍ من التراحم ، فهي به متماسكة تحت مفهوم "الشفقة". ولأن الرحمة إنما تنشأ عن الألم ؛ فإن تألم الصائم ضروري لشعوره بالرحمة.

بتجربة الصوم يتحول شعور الغني بطلب الفقير من رجاء إلى أمر ، وينتقل البذل من: " الجود المتفضل " إلى " الواجب ".

ضبط النفس والمراقبة الذاتية :
يتجاوز الصوم معنى ترك الطعام والشراب إلى : تعلم كيفية التحكم بالرغبات والغرائز وإخضاعها للفكرة السامية والشعور الروحي النبيل . فالإنسان يدع الطعام بإرادته ثم يتناوله وقت إذن الله له بإرادته ، وفي هذا ارتقاء بالإنسان من الإكراه إلى الاختيار. وتعويد على أن يكون مركز الضبط داخلياً وليس خارجياً.

في الصيام : شهوة الإنسان تابعة لفكرته السامية ، وهو مبدأ العلاج النفسي : أن تتغير الفكرة السيئة ، ويحل محلها فكرة حسنة فعالة ، وينتظم الإنسان من خلالها.

الصوم يطلع الإنسان على قدراته الكامنة التي لم يكن يستثمرها لغلبة العادة عليه ، ويفتح له باباً إلى استثمارها .

صلة الإنسان والمجتمع بدستور الأخلاق الإسلامية :
" شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان " . ربط الله جل وعلا الشهر بالقرآن ، وفي هذا ربط له بمستودع أفكار الإسلام وقيمه وتنظيمه للوجود ، فيه أنزل ، وهو أولى الشهور بالعناية بتطبيق مبادئ الإسلام فيه .

وقد رُبِط المسلم في رمضان بالقرآن بأكثر من صورة :

قيام الليل "من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه" رواه البخاري ومسلم.

الاقتداء بمراجعة جبريل عليه السلام للنبي صلى الله عليه وسلم للقرآن في رمضان من كل سنة .

علة الصوم " الحصول على التقوى : " لعلكم تتقون " ، وشكر الله على نعمته " ولعلكم تشكرون " . والتقوى تعني : تربية آلية الرقابة التي تمنع المرء من الوقع في الخطأ ، وتدفعه إلى فعل الصواب . وتعريف الإمام علي رضي الله عنه لها بأنها : الخوف من الجليل والعمل بالتنزيل والرضا بالقليل ، والاستعداد ليوم الرحيل ، هو ذكر للعناصر الرئيسية التي تعين على تحقيقها : وهي عناصر : فكرية ، وانفعالية ، وسلوكية .

التسامح مع الآخرين :
قال تعالى " كما كتب على الذين من قبلكم " وفي هذا إشعار بوحدة التاريخ الإنساني ، ليشارك المسلم في شعوره من قبله من الأديان في فرض الصوم عليها ، وليتعلم عبر ذلك التسامح والمشاركة الإنسانية مع الآخرين حتى ولو اختلفوا معه في معتقده .

إدارة الوقت :
يلح رمضان على رهافة شعور المسلم بالوقت فلحظة بعد الفجر تبطل صيامه إن أكل فيها ، وإفطاره قبل المغرب بدقيقة يبطل صيام يومه كله ، مما يشعره أن اللحظة ذات قيمة فارقة ، والوقت هو العنصر الرئيسي في معادلة الحضارة للأمة ، والتغيير للفرد . ورمضان شهر داخل السنة هو أفضل شهورها ، ثم العشر الأواخر هي أفضل الثلاثين يوماً ، ثم ليلة القدر هي أفضل ليلة في العام ، مما يركز لدى الإنسان مبدأ " تفاضل الأوقات " ، ويوجهه إلى اغتنام الأعمال الملائمة في الأوقات الفاضلة ، مما يعيد إليه ميزان إدراكه للزمن .

تحقيق العبوديـــة :
الغاية العظمى من تشريع العبادات هو تحقيق كمال العبودية لله عز وجل ولا بد أن يظهر هذا في أخلاق المسلم . ورمضان يتقلب في فصول السنة كلها : الصيف والشتاء والربيع والخريف ، وذلك لإشعار العبد بتقديم العبودية في جميع أوقات العام وحالاته من حر وبرد وانشغالٍ وفراغ .

اقترن رمضان بالدعاء حتى تداخلت آيات الصوم مع آيات الدعاء ، والدعاء من أجلِّ عبادات رمضان ، وهو يرسخ عند العبد شعوره بالافتقار إلى ربه جل وعلا ، عن عبادة بن الصامت -رضي الله عنه- أن رسول الله-صلى الله عليه وسلم- قال يومًا وقد حضر رمضان: "أتاكم رمضان، شهر بركة، يغشاكم الله فيه؛ فينزل الرحمة ويحط الخطايا ويستجيب فيه الدعاء، ينظر الله تعالى إلى تنافسكم فيه، ويباهي بكم ملائكته؛ فأروا الله من أنفسكم خيرًا، فإن الشقي من حرم فيه رحمه الله عز وجلَّ" رواه الطبراني ورواته ثقات. و عن عائشة رضي الله عنها قالت: قلت يا رسول الله: أرأيت أن علمت أي ليلة القدر ما أقول فيها؟ قال: "قولي: اللهم إنك عفو تحب العفو فاعفُ عنّي" رواه الترمذي. وقال صلى الله عليه وسلم " إن للصائم عن فطره دعوة لا تُرَد ".

تعليم الصبر :
قال الشيخ عبد القادر الجيلاني رحمه الله : " لابد لكل مؤمن في سائر أحواله من ثلاثة أشياء : أمرٍ يمتثله ، ونهيٍ يجتنبه ، وقدرٍ يرضى به " . ومدار الأمر والنهي والقدر على الصبر ، وقد جعل الله تعالى الصبر واليقين طريقاً لنيل الإمامة في الدين : " وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ " . والعلاج النفسي مبني على المجاهدة ، والمجاهدة معتمدة على الصبر .

تهذيب الخلق :
الصوم ليس صوماً عن الطعام والشراب والنكاح فحسب ، وإنما هو صوم النفس عن متابعة سيء الخلق والعادات " من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه " . وقول الزور والعمل بالزور ، هو : قول خلاف الحق ، وعمل خلاف الحق ، فكأنه نهيٌ عن كل سيء ، وأمرٌ بكل حسن. " الصيام جُنَّة ، فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب - وفي رواية: (ولا يجهل)- فإن امرؤ سابه أو قاتله فليقل: إني صائم، مرتين" متفق عليه . وإذا تجاوز العبد هذا المعيار الأخلاقي أدركه قول النبي صلى الله عليه وسلم " رب صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش" ، ولهذا ذهب بعض السلف إلى : أن المعاصي كلها تُفطِّر، ومن ارتكب معصية في صومه فعليه القضاء، وهو ظاهر ما روي عن بعض الصحابة والتابعين، وهو مذهب الإمام الأوزاعي ، وهو ما أيده ابن حزم من الظاهرية. وإن كان جمهور العلماء قد ذهبوا إلى أن المعاصي لا تُبطل الصوم، ولكن تخدشه وتصيب منه، بحسب صغرها أو كبرها.

تدريب المسلم على التوازن :
فنصف يومه جوع ، ونصفه إذنٌ بالطعام ، ونصفه ترك للجنس ، والنصف الثاني سماح له به ، وهو نوع من إعادة التوازن المضطرب إلى الإنسان.

ما هي الشخصية السوية التي ينبغي أن تحافظ على معاييرها بقية العام :
الشخصية السوية :
تبنى الشخصية السوية للإنسان على " العلاقة الصحية مع الذات " ، وتعتمد على :

فهم الذات : بمعرفة نقاط القوة والضعف فيها معرفةً أقرب إلى الواقع ، فلا يبالغ فيها ولا يقلل منها .

تقبل الذات : أن يقبل ذاته بكل ما فيها من إيجابي وسلبي ، دون أن يعني ذلك قبوله للسلوك السلبي .

تطوير الذات : أن لا يقنع بما هو عليه وإنما يسعى للنمو والتحسن . فتقبل الذات مقدمة لتحسينها لا للاكتفاء بما وصلت إليه . لأن من يرفض ذاته يرفض تحسينها.

الجماعية والفردية :
ففي رمضان تزكية لبعد " الجماعية " بالعبادات المشتركة " : صلاة التراويح ، تفطير الصائم ، الشعور بآلام الآخرين ممن لا يجدون ما ينفقون .... إلخ " ولبعد " الفردية " (مراقبة الله تعالى في الصوم ، الاعتكاف .. الخ) . في توازنٍ لا يسمح للجماعية أن تطغى فيعتاد الإنسان على مسايرة الآخرين والتبعية لهم " الإمَّعِيَّة " ، ولا " للفردية " أن تتجاوز لتظهر الأثرة والأنانية والتعالي على الخلق والنظر إليهم باعتبارهم أدوات لتحقيق رغبات الذات " النرجسية المفرطة " .

الروحية والمادية :
في الإسلام توازن بالغ الرهافة بين الروحية والمادية ، فثمت أديان تجعل الوصول إلى الله تعالى لا يتم إلا عبر إماتة الجسد البشري ، وحرمانه من أهم رغباته وحاجاته ، وثمة أنظمة دنيوية أطفأت الجانب الروحي في الإنسان وجعلت حياته مسيرة دائبةً لتحقيق مطالب الجسد فحسب ، أما الإسلام فيرى أن الجسد تجلٍ من تجليات الروح ، وأنك لا تعبر إلى الرقي الروحي إلا بعد إعطاء الجسد حقه ، وقد تجلى ذلك بوضوح في عبادات رمضان . فالصوم في الإسلام لا يُسمَح فيه بتجاوز الحد تعذيباً للبدن ، إذ نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن " الوصال في الصوم " ورغَّبَ في تعجيل الفطر وتأخير السحور ، حتى لا يتكلف أحدٌ فيتجاوز الحد المشروع ، وأذن للعباد أن يأووا إلى نسائهم ليلة الصيام " أُحِلَّ لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم ، هنَّ لباسٌ لكم وأنتم لباسٌ لهن ".

أما الروح فتنال نصيبها في الصوم عبر الشعور بالقرب الإلهي ، وزيادة العبادات الباعثة إلى ذلك.

العبادة والعمل :
إذ لا يرى الإسلام فرقاً بين عبادة وعمل ، فكل عمل عبادة إن أخلص المرء فيه لله ، وعمله على مقتضى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

التطوع والالتزام :
في " الالتزام " تحديد للحد الأدنى الذي ينبغي أن يسير عليه كل فرد ، وفي فتح باب التطوع مراعاة للفروق الفردية بين البشر ، فمن شاء أن يستزيد استزاد .

وفي عبادة الصوم مثالٌ على ذلك : فالأساس أن لا يترك المسلم صيام شهر من كل عام ، لأنه لا يمكنه أن يشعر بالآخرين ويرتقي بالنفس دون ذلك ، ثم يفتح باب التطوع لمن شاء أن يستزيد مراعاةً للفروق الفردية (ثلاثة أيام من كل شهر ، الاثنين والخميس ، ست من شوال ، يوم عرفة ، عاشوراء .. صيام يوم وإفطار يوم) كلٌ بحسب ما يجد من راحة نفسه.

الثبات والتغير :
يركز الإسلام على الأسس التي لا تتغير في طبيعة الفرد بتغير الزمان والمكان ، فيجعلها أصولاً ثابتة لا ينالها التغيير ( كأصول الإيمان ، وأصول الشرائع ) ، ثم يفتح الباب أمام ما يمكن أن يتغير بتغير الأزمنة والأمكنة ، بعد أن يضع لها الأصول العامة.

ولأن الصوم مرتبط بشيء ثابت في عمق الإنسان (وجوب الشعور بالآخر ، تصفية النفس من الشوائب ، التعالي على العبودية لرغبات الجسد) فهو من ثوابت الإسلام التي لا تتغير .

أما المتغيرات فتتمثل في سبل الخير التي يختارها الإنسان لتترافق مع صيامه ، تزكيةً لنفسه ، وارتقاءً بها .

الإيجابية والسلبية :
لكل عبادة في الإسلام جانبان : الترك والفعل . فأنت تترك الزنا للزواج ، وتترك التكبر على الناس للتواضع لهم ، فهي سلبية أمام فعل الشر ، وإيجابية في سلوك الخير .

وللصوم أفعال ترك سلبية : (ترك قول الزور والعمل به ، ترك الرفث ، ترك الطعام والشراب والنكاح في نهار رمضان).

وأفعال إيجابية : الإكثار من ذكر الله تعالى والصلاة والصدقة .... وخصال الخير.

المثالية والواقعية :
الإسلام يحدد للمسلم مثاليات يمكنه أن يصل إليها عبر واقع الحياة اليومية ، ولا يغرقه في المثالية الزائفة التي لا يمكن للبشر الوصول إليها (كمثالية ترك الزواج بالكلية .. أو مثالية المبالغة في الجوع حتى لا يكاد يقوم الإنسان بواجبات الحياة عليه) . وهو - على الجانب الآخر - لا يثبطه عن الأهداف المثالية بحجة الواقعية الزائفة التي تحصر الإنسان في تصورات الضعف والعجز .

ورمضان يحقق معادلة (الواقعية - المثالية) الإسلامية ، إذ أهدافه بالغة السمو والمثالية (رهافة الشعور الإنساني بالآخرين ، تنمية المراقبة الذاتية ، تجاوز الرغبات الدنيئة) ويتم ذلك عبر سلوكيات واقعية بسيطة (الصوم بصورة معينة ، الإكثار من العبادات إلى حدٍّ معين ... إلخ) .

يتحدد بالوازع الداخلي والوازع الخارجي :
يهتم الإسلام بأن يكون مبعث كل سلوك للإنسان داخلياً من أعماق ضميره هو ، ولكنه لا يتهاون مع من قلَّ ضبطه الداخلي ، كي لا يفسد على المجتمع قيَمَه ، ولهذا وضع تشريعات للضبط الخارجي . فمن أفطر في نهار رمضان لقلة وازعه الداخلي عوقب من قبل ولي الأمر حتى لا يفسد على البقية عزيمتهم

تنبية الادارة (1)
بواسطة / همس
مشاهدات 285
في 2021-04-21 05:29:35


لا يوجد ردود على موضوع (رمـضـان فرصة للتغيير (2))

الصفحة الرئيسية

  حقوق التصميم والنشر 2024©